تعتمد التنمية بمختلف أبعادها  ومجالاتها على تأهيل العنصر البشري  والرفع من كفاءاته عن طريق  التكوين والتدريب والبحث العلمي، وتقوم الجامعات ومؤسسات التكوين بأدوار مهمة في هذا المجال تخطيطا وتمويلا و نقلا للخبرة النظرية والتطبيقية، سواء  من خلال برامج التكوين الأساسي أو التكوين المستمر، معتمدة في ذلك على مخططاتها وبرامجها الذاتية وكذا على الخبرات والتجارب التي توجد في محيطها والتي ترتبط معها عن طريق اتفاقيات الشراكة والتعاون وطنيا ودوليا.

وإسهاما منها في تحقيق هذه الغايات  تتعدد مبادرات مؤسسات المجتمع المدني التي تنخرط في  بناء وتطوير وتنفيذ خطط للتكوين والبحث بما تتوفر عليه من خبرات وإمكانات خاصة على المستوى الميداني العملي ، فتعزز شراكاتها مع الجامعات والمؤسسات الرسمية،  وتشاركها  هدف الرفع من جودة التكوين وتنويع فرص الاندماج في سوق الشغل وتنمية حاجة المجتمع.

وفي إطار مد الجسور بين العلوم والمعارف وتلاقحها وتكاملها التقت إرادة عدد من الأساتذة الجامعيين والخبراء  والمفكرين والباحثين من تخصصات علمية  متنوعة  لتأسيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية باعتباره هيئة علمية فكرية وتربوية مدنية مستقلة عن كل انتماء سوى  خدمة البحث  العلمي والتربوي. وقد بدأت خطواتها  التأسيسية الأولى سنة 2000 بالمدرسة العليا للأساتذة بتطوان بالمملكة المغربية وبشراكة معها  بصفة خاصة ومع جامعة عبد الملك السعدي باعتبارها الجامعة الحاضنة للمؤسسة، قبل أن تنتقل إلى الرباط عاصمة المملكة لتكون أكثر قربا من الباحثين والمهتمين أفرادا ومؤسسات.

وطيلة ما يقارب ربع قرن من الزمن عمل المركز بشراكة مع  جامعات ومنظمات وطنية ودولية مثل المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو، والبنك الإسلامي للتنمية، والبنك الإفريقي للتنمية، ومنظمة اليونيسيف، وقطاعات حكومية متعددة داخل الوطن وخارجة على إنجاز مجموعة من البرامج في شكل دورات تدريبية، وندوات علمية متخصصة،  وإصدار كتب ودراسات، وإنجاز تقييمات لمشاريع علمية وتربوية، ليسهم بذلك في الرفع من خبرات عدد من الطلبة والأساتذة الباحثين، ومن جودة برامج ومناهج عدد من المؤسسات التربوية والعلمية والتعليمية.

ويعكس هذا  الدليل خلاصة هذه الجهود في الفترة الممتدة من 2000 إلى 2022  في إطار مسار وعطاء متجدد مستمر  بحول الله يسهم فيه خبراء وباحثون، يحذوهم الأمل لتحقيق مزيد من الأهداف النبيلة في المجالين الفكري والتربوي بما يعزز الصلة بين القيم والمعرفة باعتبارها مفتاحا للتنمية بمختلف أبعادها،
والله ولي التوفيق.